وفاة طبيب الغلابة المصري "محمد مشالي" ومساعده يكشف امنيته الأخيرة

وفاة طبيب الغلابة المصري "محمد مشالي" الذي كان يعمل نحو 12 ساعة في اليوم في ثلاث عياداتٍ تقع جميعها في مناطقٍ شعبية، لا تتجاوز تسعيرة الكشف فيها عن الـ10 جنيهات، مع إعفاء غير القادرين من قيمة الكشف.

أعلن وليد مشالي وفاة والده الدكتور محمد مشالي المعروف بـ"طبيب الغلابة"، عن عمر يناهز 76 عاماً، جراء إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية.

وزادت شهرة الدكتور مشالي خلال الشهور الماضية وأطلق عليه الناس هذا اللقب لأنه كان متمسكا بعلاج الفقراء بأسعار زهيدة في عيادته البسيطة بمدينة المحلة بدلتا مصر، بلغت 5 جنيهات (0.3 دولار) ثم ارتفعت مؤخراً لتصبح 10 جنيهات (0.6 دولاراً)، كما كان يشتري الدواء من ماله للمرضى الفقراء.



كما رفض مشالي تبرعات بملايين الجنيهات لتطوير عيادته وتجيزها بأحدث طراز، وقال: "أنا لا احتاج لها، قدموا هذه التبرعات للأطفال بلا مأوى، أو الأطفال الأيتام، أو من يريد التبرع لي قدموا هذه التبرعات إلى محافظ الغربية لصرفها على المحتاجين"، بحسب صحيفة "اليوم السابع".

والدكتور مشالي متخصص في الأمراض الباطنية وطب الأطفال، تخرج من كلية طب القصر العيني بالقاهرة عام 1967.

في عام 1975 افتتح عيادته في مدينة المحلة، ومنذ ذلك الوقت خصص جهده ووقته لعلاج الفقراء، وعن سبب إصراره على العلاج بأسعار زهيدة، ذكر في تصريحات سابقة للصحيفة: "جاء لي طفل صغير مريض بمرض السكر وهو يبكي من الألم ويقول لوالدته أعطيني حقنة الأنسولين، فردت أم الطفل لو اشتريت حقنة الأنسولين لن نستطيع شراء الطعام لباقي أخواتك، ولا زالت أتذكر هذا المواقف الصعب، الذي جعلني أهب علمي للكشف على الفقراء".

وأثار خبر وفاة الدكتور مشالي حالة من الحزن بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي، ونعاه آلاف المغردين.

وقال الناشط ممدوح نصر الله: "الراجل دا كان ممكن يكسب كتير ... هو اللي اختار بنفسه يعيش وسط الفقراء ويعالجهم بمحض إرادته"




وحتى اللحظات الأخيرة في حياته، حرص "مشالي" على تلبية احتياجات المرضى المترددين على عيادته بمدينة طنطا في محافظة الغربية، كما يؤكد هاشم محمد، مساعد "طبيب الغلابة" منذ منتصف التسعينيات. وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" وهو في طريقه لـ"إيتاي البارود، قال محمد": "الدكتور (مشالي) حضر إلى العيادة بالأمس وكانت صحته جيدة، أدى دوره بحيوية ونشاط كعادته ولم تفارق الابتسامة وجهه". وأكد مساعد "طبيب الغلابة" أن الدكتور "مشالي" كانت له أمنية أخيرة كثيرا ما تحدث عنها أمامه قائلا:" تمنى أن يأتيه الموت وهو يؤدي دوره داخل العيادة بين مرضاه، لم يرغب في التوقف أبدا عن تقديم المساعدة والدعم للبسطاء". وأُشيع أن الطبيب المصري تعرض لوعكة صحية مساء الاثنين، نقل على إثرها إلى أحد المستشفيات حيث توفي بعدها بساعات، لكن مساعده نفى الأمر مشددا على رحيله داخل منزله بطنطا. وكان "مشالي" قد تخرج من كلية الطب قصر العيني في عام 1967، وبعدها بـ 8 سنوات بدأ في استقبال المرضى بعيادته الخاصة بمحافظة الغربية، واشتهر بحصوله على أجر زهيد مقابل الكشف الطبي. محمد الذي رافق "مشالي" لنحو 25 عاما يوضح أنه يملك 3 عيادات صغيرة في أنحاء "الغربية" آخرها عيادته في مدينة طنطا، مشيرا إلى أنه كان يتقاضى أجرا لا يتعدى الـ 15 جنيه، وفي إحدى العيادات يكتفي بـ 5 جنيهات فقط. وبعد ساعات من وفاته نعت النقابة العامة للأطباء المصرية، في بيان رسمي، الدكتور "مشالي"، منوهة إلى أنه قضى سنوات طويلة في خدمة غير القادرين من المرضى، وتقدمت بخالص العزاء لأسرته. ونظرا لجهوده المستمرة، اختارته نقابة الأطباء بالغربية للحصول على لقب الطبيب المثالي على مستوى الجمهورية، منذ 3 سنوات، ليحصل على تكريم وشهادة تقدير في يوم الطبيب العالمي. وأوضح جرجس رزق الله، أمين عام نقابة الغربية، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الراحل رمز للطبيب المتفاني في عمله ومهنته دون النظر للمقابل المادي منوها باهتمامه بمصلحة المريض في المقام الأول. وأضاف رزق الله وهو مشارك في وفد للنقابة إلى جنازة "مشالي": "النقابة تنعى وفاته وكانت على تواصل دائم معه، وقامت بترشيحه لعدد من التكريمات لأنه يستحق بالفعل لقب "طبيب الغلابة". وأرسلت مديرية الصحة بالغربية أيضا وفدا من الأطباء لحضور جنازة الطبيب الراحل، كتقدير للدكتور "مشالي" على دوره في خدمة المهنة على مدار عقود في المحافظة. من ناحيته، اشار عبدالناصر حميدة، وكيل وزارة الصحة بالغربية، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "مشالي" كان قدوة لجميع الأطباء في المحافظة، كما أنه نموذج يحتذى به في مراعاة النواحي الإنسانية للمرضى. وأكد حميدة على أن "طبيب الغلابة" ترك بوفاته تاريخا مُشرفا في الإخلاص لـ "الطب" لمجتمعه من خلال الرسالة التي قدمها خلال مسيرته، مشددا على ضرورة أن يسير على دربه جميع الأطباء.