روسيا تكشف عن أول موقد فحم بمتجه لهب متغير في العالم: قفزة في كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات
تقنية روسية رائدة: موقد يعمل بالفحم المسحوق مع إمكانية توجيه اللهب ديناميكياً.
الهدف الأساسي: تحسين كفاءة توزيع الحرارة وتقليل الانبعاثات الضارة الناتجة عن الاحتراق.
آلية العمل: فوهة حقن قابلة لتعديل الزاوية أفقياً ورأسياً عبر نظام آلي ذكي.
التطبيق: يُستخدم بشكل أساسي في المراجل الصناعية الضخمة لتوليد البخار والطاقة بكفاءة عالية.
في خطوة هندسية نوعية تعزز مكانتها في مجال تقنيات الطاقة الحرارية، أعلنت روسيا مؤخراً عن بدء اختبارات لأول موقد في العالم يعمل بوقود الفحم المسحوق ويتمتع بخاصية فريدة هي تغيير اتجاه اللهب داخل حجرة الاحتراق. هذه الخاصية المبتكرة تعد بتحسين جذري في كفاءة توزيع الطاقة الحرارية، مما يؤدي مباشرة إلى خفض ملحوظ في الانبعاثات الضارة وتحسين عام في فعالية عملية الاحتراق.
كيف يعمل نظام متجه اللهب المتغير؟
تعتمد آلية عمل هذا الموقد الثوري على استخدام الفحم الحجري بعد طحنه وتحويله إلى مسحوق ناعم جداً. يُخلط هذا المسحوق بعد ذلك مع تيار هوائي قوي لإنتاج خليط مثالي قابل للاشتعال. يتم حقن هذا الخليط مباشرة داخل غرفة الاحتراق عبر فوهة مصممة خصيصاً لهذا الغرض. يبرز الابتكار الروسي هنا بشكل أساسي في تصميم الفوهة، حيث أنها ليست ثابتة، بل قابلة للحركة والتعديل الزاوي سواء أفقياً أو رأسياً. هذه المرونة تسمح بتوجيه دقيق ومتحكم فيه للهب نحو مناطق محددة ضمن المرجل حسب متطلبات التشغيل. وتجدر الإشارة إلى أن هذه القدرة على تغيير زاوية ومتجه اللهب كانت غائبة تماماً عن المواقد التقليدية التي تعتمد على زاوية حقن ثابتة.
يتم التحكم في زاوية الفوهة بدقة فائقة من خلال نظام آلي متطور، والذي يمكن أن يكون ميكانيكياً أو إلكترونياً، ويشتمل على محركات دقيقة أو أنظمة هيدروليكية متقدمة. يعمل هذا النظام بالتكامل مع مجموعة من أجهزة الاستشعار التي تُعنى بالمراقبة اللحظية لدرجة الحرارة ونمط توزيع اللهب داخل حجرة الاحتراق. استناداً إلى البيانات التي تجمعها المستشعرات، يقوم النظام الذكي تلقائياً بتعديل زاوية الحقن بشكل مستمر لضمان تحقيق التوزيع الحراري الأمثل. هذا التعديل المستمر يساهم في القضاء على "المناطق الباردة" أو "المناطق الساخنة الزائدة"، مما يعزز كفاءة الاحتراق ويقلل بشكل كبير من إنتاج الملوثات الغازية، وعلى رأسها أكاسيد النيتروجين (NOx).
التطبيق الرئيسي لهذا الموقد يتركز في المراجل الصناعية، وهي المعدات الحيوية المسؤولة عن تحويل المياه إلى بخار عالي الضغط، والذي يستخدم بدوره إما في عمليات توليد الطاقة الكهربائية أو في تسيير العمليات الصناعية المعقدة الأخرى. إن دمج موقد بمتجه لهب متغير داخل هذه المراجل يوفر قدرة غير مسبوقة على السيطرة الكاملة على ديناميكيات توزيع الحرارة. النتيجة المباشرة لذلك هي تحسين الأداء الكلي للمرجل، وتقليل استهلاك الوقود، وزيادة العمر الافتراضي للمكونات.
يُمثل هذا الابتكار الروسي قفزة نوعية وتقدماً ملموساً في هندسة احتراق الفحم. إنه يعكس بوضوح التوجه العالمي نحو تطوير تقنيات صناعية ثقيلة ليست فقط أكثر كفاءة، بل أيضاً أكثر استدامة وتوافقاً مع المعايير البيئية الحديثة.
في الختام، يُظهر تطوير موقد الفحم بمتجه اللهب المتغير التزاماً روسياً مستمراً بابتكار حلول تكنولوجية لتحسين كفاءة مصادر الطاقة التقليدية. من خلال دمج الذكاء الاصطناعي والاستشعار الدقيق في عمليات الاحتراق، لا تقدم روسيا حلاً لتعظيم الاستفادة من الفحم فحسب، بل تمهد الطريق لجيل جديد من المراجل الصناعية التي يمكن أن تعمل بكفاءة أعلى وانبعاثات أقل، مما يضمن استمرارية الإنتاج الصناعي مع مراعاة متطلبات الحفاظ على البيئة.
التعليقات على الموضوع