الروبوتات في مصر القديمة: اكتشاف آلية ميكانيكية عمرها 4000 عام
هل كان المصريون القدماء روادًا في علم الروبوتات؟ تشير الأدلة الأثرية الحديثة إلى أنهم قاموا بابتكار آليات ميكانيكية معقدة قبل أكثر من أربعة آلاف عام. هذه التماثيل المتحركة، أو ما يُعرف باسم "الأوتوماتا"، تمثل أقدم سجل تاريخي للروبوتات، وتكشف عن مستوى متقدم من البراعة الهندسية لدى الحضارة المصرية القديمة.
- التمثال يعود إلى عصر الدولة الوسطى (حوالي 2000 قبل الميلاد)، مما يجعله من أقدم الأمثلة على الأوتوماتا.
- كشفت فحوصات الأشعة السينية عن نظام ميكانيكي داخلي دقيق يتكون من بكرة وأوتار تسمح بتحريك ذراعي التمثال.
- التمثال، المسمى "حتحور"، كان يُستخدم على الأرجح في الطقوس الدينية لإضفاء طابع تفاعلي وروحاني على الاحتفالات.
يعود تاريخ هذه الإبداعات إلى ما يزيد عن أربعة آلاف عام، حيث تشير الاكتشافات إلى أن المصريين القدماء قاموا بتصميم تماثيل مجوفة تحتوي على أنظمة ميكانيكية داخلية قادرة على تنفيذ حركات ذاتية ومبرمجة. هذا النوع من الابتكار يمثل أقدم نموذج موثق للأوتوماتا (الآلات ذاتية الحركة) في السجل التاريخي، مؤكداً على فهمهم المتطور لمبادئ الهندسة الميكانيكية المعقدة.
تفاصيل الآلية: كيف عملت "أوتوماتا" الدولة الوسطى؟
وفقًا لـ تحليل معمق نُشر في مجلة متحف المتروبوليتان للفنون في عام 2015، تم الكشف عن هذه التقنية المذهلة داخل تمثال خشبي لامرأة، وهو محفوظ حاليًا في المتحف. يعود هذا التمثال تحديدًا إلى فترة الدولة الوسطى في مصر القديمة، حوالي الألفية الثانية قبل الميلاد (2000 ق.م)، ويُرجح أن دوره كان أساسيًا في الشعائر الدينية. عند إخضاعه للفحص الدقيق باستخدام تقنية الأشعة السينية، لاحظ العلماء وجود منظومة ميكانيكية داخلية بالغة التعقيد تشمل محورًا يشبه البكرة، مثبتًا بإحكام داخل هيكل التمثال ومتصلاً بشكل مباشر بمنطقة الكتفين. كانت الأوتار أو الخيوط تمر من الكتف وتستمر عبر الساق اليسرى، وهي مخفية تمامًا عن الأنظار داخل المادة الخشبية. وكانت النتيجة هي أن سحب هذه الأوتار أو تدوير المحور يؤدي إلى حركة متزامنة ومتكررة للذراعين صعودًا وهبوطًا، مما يخلق وهمًا بأن التمثال "ينبض بالحياة" أو "يستجيب" للمحيط.
قام خبراء المتحف بمنح التمثال اسم "حتحور"، تيمنًا بالإلهة المصرية القديمة الشهيرة التي كانت ترمز للأمومة والموسيقى والخصوبة. يُرجح أن هذا التمثال كان جزءًا لا يتجزأ من الاحتفالات والمناسبات الدينية، وربما كان يتم تشغيله بواسطة الكهنة لغرض إثارة دهشة المتعبدين ومنح الطقوس بعدًا روحيًا وتفاعليًا عميقًا. إن إخفاء هذه الآلية المعقدة بالكامل داخل الهيكل الخشبي يبرهن على المهارة الفائقة والعبقرية التي تمتع بها المصممون المصريون في دمج التكنولوجيا والحرفية.
يمثل هذا الاكتشاف تحولًا في فهمنا لتاريخ الروبوتات والأجهزة الميكانيكية. فبدلاً من اعتبار اليونان القديمة (مع هيرون الإسكندراني) نقطة البداية، تثبت مصر القديمة أنها كانت سباقة في هذا المجال بقرون عديدة. إن "أوتوماتا حتحور" ليست مجرد قطعة أثرية، بل هي دليل مادي على أن السعي لتقليد الحياة عبر الآلة هو طموح إنساني قديم قدم الحضارة نفسها.
التعليقات على الموضوع